يُعرف الذكاء الاصطناعي بأنه قدرة الأنظمة الحاسوبية على محاكاة الذكاء البشري من خلال التعلم، والاستنتاج، واتخاذ القرارات بناءً على البيانات المتاحة (1). يُستخدم الذكاء الاصطناعي في مجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك تحليل البيانات، والتعرف على الأنماط، والتفاعل مع المستخدمين عبر تقنيات مثل التعلم الآلي اللغة الطبيعي (2).
تطور الذكاء الاصطناعي في مجال الأعمال
شهدت العقود الأخيرة تطوراً هائلاً في تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال، حيث أصبحت الشركات تعتمد عليه في تحسين عملياتها التشغيلية، وتقليل التكاليف، وزيادة الإنتاجية. ومع تقدم تكنولوجيا التعلم الآلي وتحليل البيانات، أصبح قادراً على أتمتة (أتمتة معناها جعل الشيء يعمل بشكل آلي) العديد من المهام الروتينية، مما سمح للموظفين بالتركيز على المهام الأكثر استراتيجية وإبداعاً. بالإضافة إلى ذلك، أدى انتشار الحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء (IoT) إلى تحسين قدرة الشركات على جمع البيانات وتحليلها في زمن قياسي، مما مكنها من اتخاذ قرارات أكثر دقة وكفاءة(3).
وفي مجال الموارد البشرية، أحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً كبيراً في كيفية إدارة المواهب، حيث ساعد في تبسيط عمليات التوظيف من خلال استخدام خوارزميات متقدمة لفحص آلاف السير الذاتية في وقت قياسي، وتحديد أفضل المرشحين بناءً على معايير محددة مسبقًا، مما قلل من التحيز البشري وحسَن من دقة الاختيار. كما أصبحت روبوتات الدردشة الذكية (Chatbots) أداة شائعة في تحسين تجربة المتقدمين للوظائف، حيث توفر إجابات سريعة على استفساراتهم وتساعد في تنسيق مواعيد المقابلات بشكل سلس(4).
علاوة على ذلك، ساهم في تحسين إدارة المواهب من خلال تقديم رؤى دقيقة حول أداء الموظفين عبر تحليل البيانات الضخمة. وتستطيع الأنظمة الذكية تتبع مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) وتقديم توصيات بشأن التطوير المهني والتدريب المناسب لكل موظف بناءً على بياناته التاريخية. كما يُستخدم الذكاء الاصطناعي في قياس مدى رضا الموظفين من خلال تحليل المشاعر في التعليقات والاستطلاعات، مما يساعد الشركات على تحسين بيئة العمل وتعزيز الولاء المؤسسي.
إلى جانب ذلك، مكّنت تقنيات الذكاء الاصطناعي الشركات من التنبؤ بمعدلات دوران الموظفين، مما يسمح لها باتخاذ إجراءات استباقية للحفاظ على المواهب وتقليل معدل الاستقالات. فعلى سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل أنماط الحضور، والتفاعل، والإنتاجية لتحديد الموظفين الأكثر عرضة لترك وظائفهم واقتراح استراتيجيات للحفاظ عليهم، مثل تقديم حوافز أو فرص للتطوير المهني لهم.
أهمية الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية
يُعد الذكاء الاصطناعي من الأدوات التي تُحدث تحولاً جذرياً في إدارة الموارد البشرية، حيث أصبح جزءاً أساسياً من استراتيجيات المؤسسات لتعزيز الكفاءة والابتكار في مكان العمل. تعتمد المؤسسات الحديثة على الذكاء الاصطناعي لأتمتة العمليات وتحليل البيانات الضخمة، مما يساعد في اتخاذ قرارات أكثر دقة وسرعة. ويسهم في تحسين مختلف جوانب الموارد البشرية، بدءاً من التوظيف وإدارة الأداء، وصولاً إلى تعزيز تجربة الموظفين وتحقيق بيئة عمل أكثر عدالة وإنصافاً.
وللتعرف على ذلك بشكل أكثر تفصيلاً، أصبحت عملية التوظيف أكثر كفاءة وفاعلية بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث يمكنه فحص السير الذاتية وفرز المرشحين بسرعة ودقة استنادًا إلى معايير محددة مسبقًا، مثل الخبرة، المهارات، والمؤهلات. تُوفر أنظمة التوظيف الذكية مثل تحليلات متقدمة تساعد في اختيار المرشحين الأنسب للوظائف وتقليل التحيز البشري. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم العديد من الشركات تقنيات الذكاء الاصطناعي في إجراء المقابلات الآلية التي تحلل لغة الجسد ونبرة الصوت لتقييم مدى ملاءمة المرشح للوظيفة(5).
كذلك، تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في مراقبة أداء الموظفين بشكل مستمر، حيث توفر بيانات دقيقة حول الإنتاجية، ومستوى الالتزام، ونقاط القوة والضعف لكل موظف. تعتمد المؤسسات على هذه التقنيات لتحديد الاحتياجات من التدريب استناداً إلى تحليل البيانات التاريخية، مما يساعد في تخصيص برامج تدريب تناسب كل موظف بناءً على أدائه ومهاراته الحالية. فعلى سبيل المثال، يستطيع اقتراح دورات تدريبية متخصصة لموظف معين بناءً على تحليل أدائه السابق واتجاهات السوق المستقبلية(6). وتستخدم الشركات تقنيات التوصية الذكية المشابهة لتلك التي تعتمد عليها منصات مثل “نتفليكس” (Netflix) و”لينكد إن ليرنينج” (LinkedIn Learning) لتقديم دورات تدريبية مخصصة بناءً على اهتمامات الموظف ومستواه المهني. كما تساعد تقنيات الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR) في تقديم تجارب تدريبية تفاعلية تحاكي سيناريوهات واقعية، مما يعزز من فاعلية التعلم.
بالإضافة إلى ما سبق، تلعب روبوتات الدردشة الذكية (Chatbots) دوراً مهماً في تحسين تجربة الموظفين، حيث تُوفر دعماً فورياً لهم من خلال الإجابة على استفساراتهم حول السياسات والإجراءات الإدارية، مثل الرواتب، والإجازات، والمزايا الوظيفية. تُوفر هذه الأدوات للموظفين إمكانية الوصول إلى المعلومات بسهولة دون الحاجة إلى الاتصال المباشر بإدارة الموارد البشرية، مما يقلل من الوقت المستغرق في العمليات الإدارية ويعزز من تجربة العمل بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك، تسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في قياس رضا الموظفين من خلال تحليل المشاعر في التعليقات والاستطلاعات، مما يساعد الإدارة في تحسين بيئة العمل واتخاذ قرارات استناداً إلى البيانات(7).
غالباً ما يكون التحيز البشري في عمليات التوظيف والترقيات عقبة أمام تحقيق العدالة والشمولية في بيئة العمل. وفي هذا الإطار، تُساعد الخوارزميات الذكية في تقليل هذا التحيز من خلال تحليل بيانات المرشحين والتركيز على المؤهلات الفعلية بدلاً من العوامل غير الموضوعية، مثل الجنس أو العمر أو الخلفية الثقافية. فعلى سبيل المثال، تعمل بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي على مراجعة السير الذاتية دون عرض أسماء أو صور المرشحين، مما يضمن عملية اختيار قائمة على الجدارة فقط. بالإضافة إلى ذلك، تسهم تقنيات التعلم الآلي في تحديد أنماط التحيز داخل المؤسسات وتقديم اقتراحات لمعالجتها، مما يعزز مناخ العمل العادل والمتنوع(8).
وعلاوة على ما سبق، من خلال تحليل البيانات المتعلقة بمستويات الرضا الوظيفي، والحضور، والإنتاجية، يستطيع الذكاء الاصطناعي توقع معدلات دوران الموظفين وتحديد العوامل التي قد تدفعهم لمغادرة الشركة. توفر هذه التحليلات معلومات قيّمة للإدارة تساعدها في اتخاذ قرارات استباقية، مثل تقديم حوافز إضافية أو تحسين بيئة العمل لضمان بقاء المواهب داخل المؤسسة(9).
كذلك، يُساعد الذكاء الاصطناعي في أتمتة العديد من العمليات الإدارية المتكررة، مثل مراجعة التقارير، ومعالجة بيانات الرواتب، وجدولة الاجتماعات، مما يقلل الوقت والجهد المبذول في هذه المهام الروتينية. وبفضل تقنيات تحليل البيانات التنبؤية، يمكن للشركات تحسين تخصيص الموارد وتخفيض التكاليف التشغيلية، مما يزيد من كفاءة الأداء العام للمؤسسة(10).
تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية
على الرغم من الفوائد الكبيرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في تحسين عمليات الموارد البشرية وزيادة الكفاءة التشغيلية، إلا أن هناك عدداً من التحديات التي تُواجه تطبيقه. وتشمل هذه التحديات المخاوف المرتبطة بفقدان الوظائف، ومخاطر التحيز الخوارزمي، إضافةً إلى قضايا الخصوصية وأمن البيانات. وتفرض هذه العقبات على المؤسسات تبني استراتيجيات دقيقة لضمان الاستخدام المسؤول والعادل لهذه التقنية.
وفي هذا الصدد، يُعتبر أحد أبرز المخاوف المرتبطة بتطبيق الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية هو احتمالية استبدال بعض الوظائف البشرية بالتكنولوجيا. فمع تزايد اعتماد المؤسسات على الروبوتات البرمجية (RPA) والتعلم الآلي في تنفيذ المهام الإدارية والروتينية، مثل مراجعة السير الذاتية، وإعداد كشوف الرواتب، وجدولة الاجتماعات، وهناك قلق متزايد من أن يؤدي ذلك إلى تقليص الحاجة إلى بعض الوظائف التقليدية في الموارد البشرية (9).
وقد أدى استخدام الذكاء الاصطناعي بالفعل إلى إعادة هيكلة القوى العاملة في بعض القطاعات، مما جعل بعض الأدوار أقل أهمية أو زاد الحاجة إلى مهارات جديدة تتطلب تدريباً مكثفاً للموظفين الحاليين. ومع ذلك، يرى بعض الخبراء أن الذكاء الاصطناعي لن يلغي وظائف الموارد البشرية بالكامل، بل سيغير طبيعة المهام، حيث سيركز الموظفون على الجانب الاستراتيجي والتفاعل البشري بينما تتولى الخوارزميات المهام المتكررة.
كذلك، وعلى الرغم من أن أحد أهداف الذكاء الاصطناعي هو الحد من التحيز في التوظيف واتخاذ القرارات، إلا أن هناك خطراً بأن تُؤدي الخوارزميات غير المدربة بشكل جيد إلى تكريس التحيزات القائمة بدلاً من القضاء عليها. وقد يحدث ذلك عندما يتم تدريب الخوارزميات على بيانات تاريخية منحازة، مما يُؤدي إلى تكرار الأنماط نفسها في قرارات التوظيف أو الترفيعات(11). وعلى سبيل المثال، في إحدى الحالات الشهيرة، واجهت أمازون (Amazon) انتقادات حادة عندما اكتُشف أن نظام التوظيف القائم على الذكاء الاصطناعي كان متحيزاً ضد النساء، حيث تم تدريبه على بيانات توظيف سابقة أظهرت تحيزاً لصالح الرجال في الوظائف التقنية. وهذا يوضح كيف يُمكن أن يُؤدي سوء تدريب النماذج الخوارزمية إلى تعزيز الفجوات الاجتماعية بدلاً من الحد منها.
ومع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات الموظفين واتخاذ قرارات بناءً عليها، تزداد المخاوف بشأن خصوصية البيانات وسلامتها. تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية على كميات ضخمة من المعلومات الشخصية، مثل الأداء الوظيفي، والتقييمات، والبيانات الصحية، وحتى الرسائل الإلكترونية، مما يجعلها عرضة لمخاطر الاختراق الأمني أو سوء الاستخدام(10). وفي بعض الحالات، قد يؤدي الاستخدام غير المسؤول لهذه البيانات إلى انتهاك قوانين حماية البيانات، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في الاتحاد الأوروبي، والتي تفرض ضوابط صارمة على كيفية جمع وتخزين واستخدام بيانات الموظفين. يتعين على الشركات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد البشرية ضمان الامتثال لهذه القوانين وتطبيق تدابير حماية قوية، مثل: استخدام التشفير القوي لحماية البيانات من الاختراقات، ووضع سياسات واضحة لحوكمة البيانات تحدد كيفية جمعها واستخدامها ومشاركتها، وتوفير مستويات تحكم متقدمة تتيح للموظفين معرفة كيفية استخدام بياناتهم والتحكم فيها.
إضافة إلى ذلك، قد يُواجه تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في المؤسسات مقاومة من الموظفين بسبب المخاوف من فقدان الوظائف أو تقليل أهمية الدور البشري في صنع القرار، حيث يشعر بعض الموظفين بأن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي من شأنه أن يُقلل من الحاجة إلى التفاعل الإنساني في عمليات الموارد البشرية، مما قد يؤثر على ديناميكية بيئة العمل. وللتغلب على هذه المشكلة، يجب على الشركات تعزيز ثقافة الابتكار والتكيف مع التكنولوجيا من خلال تقديم برامج تدريبية لمساعدة الموظفين على اكتساب المهارات اللازمة للعمل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، وإشراك الموظفين في عملية التحول الرقمي لضمان قبولهم للتقنيات الجديدة، والتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي لا يحل محل العامل البشري، بل يعمل على دعم وتعزيز قرارات الموارد البشرية.
وبالمثل، يتطلب تطبيق الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية تكاملاً مع الأنظمة التقليدية المستخدمة في الشركات، مثل برامج إدارة الموارد البشرية (HRMS) وأنظمة معلومات الموارد البشرية (HRIS). وقد تُواجه بعض المؤسسات تحديات تقنية في دمج الأنظمة القديمة مع الحلول الذكية الجديدة، خاصةً إذا لم تكن البنية التحتية التكنولوجية مهيأة لدعم هذه التحولات. ولضمان نجاح تنفيذ الذكاء الاصطناعي، تحتاج المؤسسات إلى تحديث أنظمة الموارد البشرية التقليدية لتكون متوافقة مع التقنيات الحديثة، والاستثمار في حلول الذكاء الاصطناعي القابلة للتكامل بسهولة مع البنية التحتية القائمة، وتوفير تدريب مكثف لفرق تكنولوجيا المعلومات لضمان سهولة التشغيل والإدارة.
دور مديري الموارد البشرية في التبني الناجح للذكاء الاصطناعي
مع التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح لمديري الموارد البشرية دور أساسي في ضمان تبني هذه التكنولوجيا بنجاح داخل المؤسسات. فهم يشكلون الجسر بين التكنولوجيا والموظفين، حيث يتعين عليهم تحقيق التوازن بين التحول الرقمي والحفاظ على العنصر البشري. ويتضمن دورهم وضع استراتيجية واضحة لتبني الذكاء الاصطناعي. فيجب على مديري الموارد البشرية تحديد أهداف المؤسسة من تبني الذكاء الاصطناعي، سواء كان ذلك لتحسين عمليات التوظيف، أو تطوير المواهب، أو تعزيز تجربة الموظفين. كما يتعين عليهم التنسيق مع الإدارات الأخرى لضمان تكامل التكنولوجيا مع الاستراتيجيات العامة للمؤسسة. ويستلزم ذلك وضع خطة مدروسة تحدد أولويات استخدام الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تحديد الموارد المطلوبة والتحديات المحتملة. كما يجب عليهم مراقبة وتقييم تأثير التكنولوجيا على بيئة العمل والتأكد من أنها تحقق النتائج المرجوة (4).
ومن أحد أكبر التحديات التي تُواجه تبني الذكاء الاصطناعي هو مخاوف الموظفين بشأن فقدان وظائفهم أو استبدالهم بالتكنولوجيا. لذلك، يجب على مديري الموارد البشرية إدارة التغيير بفاعلية، من خلال توضيح أن الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً للبشر، بل أداة لتحسين الإنتاجية ودعم الموظفين. ويمكن تحقيق ذلك من خلال عقد اجتماعات توعوية حول دور الذكاء الاصطناعي في المؤسسة، لتبديد المخاوف وشرح الفوائد المتوقعة، وتقديم تدريبات عملية حول كيفية استخدام الأدوات الجديدة بفاعلية، وتشجيع الحوار المفتوح بين الموظفين والإدارة حول التحديات المحتملة للتكنولوجيا، والتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي مكمّل للعنصر البشري، وليس بديلاً عنه (6).
كما يتطلب تبني الذكاء الاصطناعي رفع مستوى المهارات الرقمية لجميع الموظفين، وخاصة مديري الموارد البشرية أنفسهم. فيجب أن يكونوا على دراية بأساسيات الذكاء الاصطناعي، وكيفية استخدامه في تحليل البيانات واتخاذ القرارات. ومن أهم المبادرات في هذا الإطار هو توفير برامج تدريب متخصصة في الذكاء الاصطناعي والتحليلات التنبؤية، وتشجيع التعلم المستمر عبر منصات مثل “LinkedIn Learning” و”Coursera”، والتعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث لتحديث مهارات فرق الموارد البشرية وفقاً لأحدث الاتجاهات، بالإضافة إلى دمج الذكاء الاصطناعي في برامج تطوير القادة لضمان استيعابهم لمزاياه وتحدياته (5).
وعلى مديري الموارد البشرية تقييم واختيار أدوات الذكاء الاصطناعي التي تتناسب مع احتياجات المؤسسة. ويجب أن تأخذ عملية الاختيار بعين الاعتبار سهولة التكامل مع الأنظمة الحالية في المؤسسة، والامتثال للمعايير القانونية وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، ومدى تحسينها لتجربة الموظف دون التسبب في الشعور بعدم الأمان الوظيفي، وقدرة الأدوات على تقديم تحليلات دقيقة لدعم عملية اتخاذ القرار، والتأكد من أن الحلول التكنولوجية تعزز من الشفافية والعدالة في بيئة العمل (8).
وعند استخدام الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية، يجب مراعاة حماية البيانات الشخصية وضمان الامتثال للقوانين المتعلقة بخصوصية البيانات، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في أوروبا. ويتطلب ذلك وضع سياسات واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات الموارد البشرية، والتأكد من أن الخوارزميات لا تحتوي على تحيزات تمييزية ضد مجموعات معينة من الموظفين، وتنفيذ إجراءات أمن سيبراني قوية لحماية بيانات الموظفين، ومراجعة دورية للخوارزميات والنماذج المستخدمة لضمان عدالتها وكفاءتها (10).
ولكي يكون تبني الذكاء الاصطناعي ناجحاً، يجب أن يعمل مديري الموارد البشرية على خلق ثقافة تنظيمية تدعم الابتكار والتكيف مع التغيير. ويتم ذلك من خلال تشجيع تجربة الأدوات الجديدة وإعطاء الموظفين الفرصة لاختبار الحلول التكنولوجية قبل تعميمها، ومكافأة السلوكيات الابتكارية داخل الفرق لتعزيز التفكير الإبداعي، وتوفير بيئة عمل مرنة تشجع على التعاون بين البشر والآلات، ودعم مشاريع التحول الرقمي وإشراك الموظفين في عملية التغيير لجعلهم جزءاً من التطوير المستقبلي (9).
وختاماً، يلعب مديري الموارد البشرية دوراً حيوياً في نجاح تبني الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات. فمن خلال وضع استراتيجيات واضحة، وتعزيز المهارات الرقمية، وضمان الشفافية، وإدارة المخاطر، يمكنهم تحقيق التوازن بين الاستفادة من التكنولوجيا والحفاظ على العنصر البشري. ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، سيصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى أن يكون مديري الموارد البشرية رواداً في إدارة التغيير وضمان تحقيق أقصى استفادة من هذه التكنولوجيا لصالح الموظفين والمؤسسات على حد سواء.
يرجى الاطلاع على المزيد من المقالات حول موارد بشرية
لخدماتنا المختلفة يرجى الاطلاع على قسم الاستشارات
مراجع المقال
(1) راسل، إس. جيه؛ ونورفيج، بي. (2021). الذكاء الاصطناعي: نهج حديث. بيرسون.
(2) جودفيلو، آي؛ وبينجيو، واي؛ وكورفيل، أيه. (2016). التعلم العميق. مطبعة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
(3) برينجولفسون، إي؛ وماكافي، إيه. (2017). أعمال الذكاء الاصطناعي. هارفارد بيزنس ريفيو..
(4) دافنبورت، تي. إتش؛ وجوها، أيه؛ وجريوال، دي؛ وبريسجوت، تي (2020). كيف سيغير الذكاء الاصطناعي مستقبل التسويق. مجلة أكاديمية علوم التسويق.
(5) هوانغ، م. هـ.؛ وراست، ر. ت. (2018). الذكاء الاصطناعي في خدمات الاعمال. مجلة أبحاث خدمات الأعمال.
(6) • بيرسين، ج. (2019). سوق تكنولوجيا الموارد البشرية 2019: الاضطراب قادم. ديلويت إنسايتس.
(7) لاسيتي، إم. سي.؛ وويلكوكس، إل. بي. (2018). أتمتة عمليات الروبوتات وتقليل المخاطر. مجلة MIS Quarterly Executive.
(8) ليبري، ب.؛ وأوليفر، ن.؛ وليتوزي، إي.؛ وبنتلاند، أ. س.؛ وفينك، ب. (2018). عمليات صنع القرار الخوارزمية العادلة والشفافة والخاضعة للمساءلة. مجلة الفلسفة والتكنولوجيا.
(9) فراي، سي. بي.؛ وأوزبورن، إم. إيه. (2017). مستقبل التوظيف: ما مدى تأثر الوظائف بالحوسبة؟ التنبؤ التكنولوجي والتغيير الاجتماعي..
(10) ميتلستادت، ب. د.؛ وألو، ب.؛ وتاديو، م.؛ واشتر، س.؛ وفلوريدي، ل. (2016). أخلاقيات الخوارزميات: رسم خريطة للمناقشة. مجلة البيانات الضخمة والمجتمع.
(11) أونيل، سي. (2016). أسلحة الدمار الرياضية: كيف تزيد البيانات الضخمة من عدم المساواة وتهدد الديمقراطية. مجموعة كراون للنشر.